حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

بواسطة | د. ناصر بن علي الشيخ
2005/04/03
هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب الإمام البطل الضرغام أبو عمارة وأبو يعلى القرشي الهاشمي المكي ثم المدني البدري الشهيد عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب وهو أسد الله ، وأسد رسوله ، ولد قبل النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ، وقيل بأربع كان من فرسان قريش وسادتها وصناديدها المعدودين أسلم في السنة الثانية من البعثة وهاجر إلى المدينة وشهد بدراً وأبلى فيها بلاءً حسناً واستشهد في معركة أحد في النصف من شوال من السنة الثالثة للهجرة ، وسماه المصطفى عليه الصلاة والسلام سيد الشهداء وحزن عليه حزناً شديداً فرضي الله عنه وأرضاه )) (1) . وقد وردت أحاديث كثيرة فيها مناقبه التي دلت على عظيم شأنه ، وجليل قدره ، وعلى أنه ذو مكانة عالية في الدنيا والآخرة ومن تلك الأحاديث :
1- ما رواه محمد بن سعد في كتابه الطبقات(2) بإسناده إلى يزيد بن رومان قال : أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة لحمزة بن عبد المطلب بعثه سرية في ثلاثين راكباً حتى بلغوا قريباً من سيف البحر يعترض لعير قريش وهي منحدرة إلى مكة قد جاءت من الشام وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة راكب فانصرف ولم يكن بينهم قتال . ففي هذا منقبة عظيمة تشرف بها حمزة رضي الله عنه وهي أن أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة كان لعمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وأرضاه . وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجله ويكرمه ويقدره ويظهر له أنه ذو مكانة عنده .
2- فقد روى الحاكم بإسناده إلى علي بن الحسين عن أبيه عن جده قال : جاء علي وحمزة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد اغتسلا فقال النبي صلى الله عليه وسلم :     (( كيف صنعتما ؟ )) قال أحدهما : يا رسول الله سترته بالثوب وقال الآخر : فجعلت مثل ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم : (( لو فعلتما غير ذلك لسترتكما )) (3) .ففي هذا الحديث فضيلة ظاهرة لحمزة وعلي رضي الله عنهما وأرضاهما .
     3- وروى الإمام مسلم بإسناده إلى قيس بن عباد قال : سمعت أبا ذر يقسم قسماً أن : { هذان خصمان اختصموا في ربهم }(4) إنها نزلت في الذين برزوا يوم بدر : حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة )) (5)  .
4- وروى الحاكم بإسناده إلى عليٍّ رضي الله عنه قال : نزلت { هذان خصمان اخصموا في ربهم } في الذين بارزوا يوم بدر حمزة بن عبد المطلب وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة قال عليُ : وأنا أول من يجثو للخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة )) (6) . فهذان الحديثان تضمنا ذكر فضيلة ظاهرة لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه إذ المراد بالذين اختصموا في الله – سبحانه – هم حزب الله ، وحزب الشيطان ، فحزب الله كان في مقدمتهم حمزة بن عبد المطلب ، وأمّا حزب الشيطان فهم عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة ، وابنه الوليد فنصر الله عزبه ، وخذلك حزب الشيطان ، فحمزة رضي الله عنه كان في مقدمة الذين برزوا يوم بدر لضرب المشركين بغية إعلاء كلمة الله ونصر الدين الجنيف .
5- وروى الحاكم أيضاً : بإسناده إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حمزة حين فاء الناس من القتال قال : فقال رجل : رأيته عند تلك الشجرة وهو يقول : أنا أسد الله وأسد رسوله اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء لأبي سفيان وأصحابه وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء لأبي سفيان وأصحابه وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء من انهزامهم فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه فلما رأى جبهته بكى ولما رأى ما مثل به شهق ثم قال : (( ألا كفن )) فقام رجل من الأنصار فرمى بثوب قال جابر : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة )) (7) .
6- وروى أيضاً : بإسناده إلى سعد بن أبي وقاص قال : كان حمزة بن عبد المطلب يقاتل يوم أحد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : أنا أسد الله(8) . وهذان الحديثان فيهما بيان منقبتين عظيمتين لحمزة رضي الله عنه وتلك المنقبتان هما :
* الأولى : قوة عزيمته وشجاعته الصارمة في مواطن القتال ضد أولياء الشيطان من المشركين والكافرين حتى أنه أطلق عليه أنه أسد الله وأسد رسوله .
* الثانية : التي تفرد بها وامتاز بها عن غيره إخبار المصطفى عليه الصلاة والسلام بأنه سيد الشهداء عند الله تعالى يوم القيامة .
7- ومن مناقبه الشريفة رضي الله عنه أنه جاهد في سبيل الله حق الجهاد حتى أنه في يوم أحد مثل به المشركون مثلة لم تكن لأحد سواه وذلك من شدة غيظ المشركين وحقدهم عليه إذ أنه واجههم يوم بدر ويوم أحد مواجهة الشجاه المقدام فكانوا لا يطيقون الوقوف أمامه ساعة القتال فإنه ما وقف أمامه فارس إلا كان كأمس الذاهب ولما استشهد في أحد على يد وحشي لم يكن عن مواجهة وإنما كمن له تحت صخرة فرماه بحربته(9) ولما سقط على الأرض شهيداً فعل به المشركون ما فعلوا من التجديع والتمثيل ، فقد روى الحاكم بإسناده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بحمزة يوم أحد وقد جدع ومثل به وقال : (( لولا أن صفية تجد لتركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع )) فكفنه في نمرة(10) . فهذا التجديع والتمثيل ، فقد روى الحاكم بإسناده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بحمزة يوم أحد وقد جدع ومثل به وقال : (( لولا أن صفية تجد لتركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع )) فكفنه في نمرة(11) . فهذا التجديع والمثلة التي حصلت لحمزة رضي الله عنه كانت في ذات الله – عز وجل – ولذلك أكرمه الله بأن كان سيد الشهداء .
8- وروى الحاكم بإسناده أيضاً : إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في حمزة وأصحابه { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون }(12) . وفي هذا الحديث بيان ما أكرم الله به حمزة وإخوانه الذين استشهدوا معه في موقعة أحد الذين في مقدمتهم سيد الشهداء حمزة رضي الله عن الجميع وأرضاهم وجعل الجنة مثواهم . تلك طائفة من الأحاديث التي جاء التنويه فيها بفضل حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلقد دلت على أنه عظيم القدر عالي المكانة في الدنيا والآخرة رضي الله عنه وأرضاه .

1- الطبقات لابن سعد 3/8-19 ، الجرح والتعديل 3/212 ، صفة الصفوة 1/370 – 377 ، الاستيعاب على حاشية الإصابة 1/270 – 276 ، أسد الغابة 2/46 – 50 ، تهذيب الأسماء واللغات 1/168-169 ، سير أعلام النبلاء 1/171 – 184 ، الإصابة 1/353 .
2- 3/9 ، المستدرك 3/187 .
3- المستدرك 3/193 ثم قال عقبة : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي
4- سورة الحج آية 19 .
5- المستدرك 3/386 – 387 ثم قال : لقد صح هذا الحديث بهذه الروايات عن علي كما صح عن أبي ذر الغفاري وإن لم يخرجاه ووافقه الذهبي .
6- المستدرك 3/199 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .
7- المستدرك 3/194 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .
8- انظر صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 7/367 .
9- المستدرك 3/196 ثم قال : صحيح على شر مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي .
10- المصدر السابق 2/387 ثم قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي ، وانظر المصنف لابن أبي شيبة 12/107 ، فضائل الصحابة للنسائي ص 92 ، الدر المنثور للسيوطي 2/371 .

بحث سريع