حكم عصاة أهل البيت

بواسطة | الإمام الشوكاني
2005/04/04
ما قيل من أن العصاة من أهل بيت النبوة لا يُعاقَبون على ما يرتكبون من الذنوب بل هم من أهل الجنة على كل حال تكريماً وتشريفاً ! هل ذلك صحيح أم لا ؟ .

" أقول : لا شك ولا ريب أن أهل هذا البيت المطهّر لهم من المزايا والخصائص والمناقب ما ليس لغيرهم ، وقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية شاهدة لهم بما خصهم الله به من التشريف والتكريم والتبجيل والتعظيم ، وأما القول : برفع العقوبات عن عصاتهم ، وأنهم لا يُخاطَبون بما اقترفوه من المآثم ، ولا يُطالَبُون بما جنوه من العظائم ، فهذه مقالة باطلة ليس عليها أثارة من علم ، ولم يصح في ذلك عن الله ولا عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- حرف واحد ، وجميع ما أورده علماء السوء المتقربون إلى المتعلِّقين بالرياسات من أهل هذا البيت الشريف : فهو إما باطل موضوع أو خارج عن محل النزاع ؛ بل القرآن أعدل شاهد وأصدق دليل على زجر قول كل مكابر جاحد فإنه قال (عز وجل) في نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- : ] مَن يَاًتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً [ [الأحزاب : 30] ، وليس ذلك إلا لما لهن من رفعة القدر وشرافة المحل بالقرب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وذريتُه الأطهار هم أحق منهن بهذا المضمار فإنهم أقرب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأشرف قدراً وأعلى محلاً وأكرم عنصراً وأفخم ذكراً ، ولو كان الأمر كما زعم هذا الزاعم لم يكن لقوله (تعالى) : ] وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [ [الشعراء : 214] ، معنى ولا كبير فائدة ، وإذا كان المصطفى يقول لفاطمة البتول التي هي بضعة منه غضبه ما يغضبها ويرضيه ما يرضيها : (يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً) فليت شعري مَنْ هذا من أولادها الذي خصه الله بما لم يخصها ورفعه إلى درجة قصّرت عنها ؟ ! فأبعد الله علماء السوء وقلل عددهم ؛ فإن العاصي من أهل هذا البيت الشريف المطهر إذا لم يكن مستحقاً على معصيته مضاعفة العقوبة ، فأقل الأحوال أن يكون كسائر الناس .
فيا من شرفه الله بهذا النسب الشريف ! إياك أن تغتر بما ينمقه لك أهل التبديل التحريف " انتهت الفتوى .

بحث سريع